ارتبطت الثورة المصرية، وبصورة أقل الثورة التونسية، بالشباب وبمواقع التواصل الاجتماعي وأهمها "facebook". ويبدو أن هذا الارتباط آخذ في الاستحكام مع وقوع مظاهرات في عدد من الدول العربية، وقد تتجه المعادلة إلى أن تكون: شباب و"فيسبوك" يعني ثورة.
وفي هذا تغرير بشباب الدول التي تنعم بالاستقرار والرخاء والرفاهية، كما فيه استسهال للاحتجاج والدعوة إلى التغيير الفوري والشامل أو الثورة لمجرد عدم تحقق بعض المطالب، وفيه أيضاً تضخيم لدور مواقع الاتصال على الإنترنت.
وهذه المعادلة في نظري غير صحيحة، إذ أن تركيبة قنبلة الثورة تتكون من عناصر لا علاقة لها بالشباب أو بالإنترنت، وإنما بالاستبداد، والقمع، والفساد، وغياب العدالة الاجتماعية، والحرمان، والتهميش، والتي يمكن اختزالها جميعها في وصف شامل هو الظلم.
الأمر الذي لا يحتاج إلى أدلة لشدّة وضوحه هو أنه لولا الظلم لما وقعت أي ثورة في العالم على مرّ التاريخ، إذ ما الذي يجعل الشعب يضحي بروحه ودماء أبنائه وبمنجزاته مهما كانت متواضعة لولا يأسه من نيل حقوقه بالطرق السلمية أو السبل القانونية؟ لا أحد يمكن أن يذوق طواعية مرارة الثورة والمآسي التي تنجم عنها إلا إذا كان سكوته واستسلامه للأمر الواقع أكثر مرارة.
كل دول العالم يمثّل الشباب الغالبية فيها، لكن الكثير من الدول ينهمك شبابها في البناء والتنمية ما دامت مطالبهم تتحقق ومستقبلهم المضمون يرونه بأعينهم. وهناك نحو نصف مليار شخص في أرجاء الكرة الأرضية يمتلكون حسابات في موقع "facebook"، لكنهم لم يثوروا، ولم يدعوا إلى ثورة. ولو كانت الثورة مقترنة بوجود هذا الموقع، لكان شباب أميركا الذين أنشأوا الموقع، هم أول الثائرين في العالم. وفي المقابل، فإن الانفجار سيقع، ولا يمكن أن لا يقع، في أي مكان في العالم يتعرّض غالبية أهله إلى الظلم، سواء كان هناك إنترنت أو لم يكن، وسواء بقيادة الشباب أو بغيرهم.
لا أحد عاقل يمكن أن يثور أو يحتج على حكومة توفر له التعليم والطبابة والوظيفة، وتمهّد له السبيل ليتزوج ويبني أسرة وينجب ذرية، ولديه بيت أو محل سكن لائق، ينام فيه قرير العين مطمئناً على نفسه وعرضه وماله، ويعرف أنه إذا خرج إلى الشارع، فإنه سيعود إلى بيته من دون أن تُمس شعرة من جسده، فلا شرطي ولا رجل أمن ولا أي مسؤول مهما علا شأنه يستطيع أن يتعرّض له إلا بموجب القانون، بل يثق أنه حتى لو أخطأ وارتكب جريمة، فإن هناك شرطة ملتزمة بالقانون، ونيابة يقظة الضمير، وقضاءً عادلاً ومستقلاً، كما أن حقه في التعبير عن رأيه مصون في حدود القانون، وبالجملة توفر له دولته عيشاً كريماً.
لا أعتقد أن شاباً واحداً من ملايين الشبّان الذين ثاروا في مصر أو تونس، خرج إلى الشارع وهو يحلم بمنصب الرئاسة، أو حتى الوزارة، أو حتى أن يصبح مجرد مدير عام. كما لا أعتقد أنهم كانوا سيواصلون سكوتهم وصبرهم وبلعهم المرّ وتحملهم الظلم إذا لم يكن هناك "facebook"، كل ما هناك أن الشباب هم وقود أي ثورة، ومن الطبيعي أن يكونوا في الطليعة، والإنترنت يسرّع عملية انفجارهم، لذلك كانت مثيرة للانتباه تلك اللافتة التي حملها أحد شباب مصر أثناء الثورة مكتوب عليها عبارة: "facebook" على كل ظالم.
وفي هذا تغرير بشباب الدول التي تنعم بالاستقرار والرخاء والرفاهية، كما فيه استسهال للاحتجاج والدعوة إلى التغيير الفوري والشامل أو الثورة لمجرد عدم تحقق بعض المطالب، وفيه أيضاً تضخيم لدور مواقع الاتصال على الإنترنت.
وهذه المعادلة في نظري غير صحيحة، إذ أن تركيبة قنبلة الثورة تتكون من عناصر لا علاقة لها بالشباب أو بالإنترنت، وإنما بالاستبداد، والقمع، والفساد، وغياب العدالة الاجتماعية، والحرمان، والتهميش، والتي يمكن اختزالها جميعها في وصف شامل هو الظلم.
الأمر الذي لا يحتاج إلى أدلة لشدّة وضوحه هو أنه لولا الظلم لما وقعت أي ثورة في العالم على مرّ التاريخ، إذ ما الذي يجعل الشعب يضحي بروحه ودماء أبنائه وبمنجزاته مهما كانت متواضعة لولا يأسه من نيل حقوقه بالطرق السلمية أو السبل القانونية؟ لا أحد يمكن أن يذوق طواعية مرارة الثورة والمآسي التي تنجم عنها إلا إذا كان سكوته واستسلامه للأمر الواقع أكثر مرارة.
كل دول العالم يمثّل الشباب الغالبية فيها، لكن الكثير من الدول ينهمك شبابها في البناء والتنمية ما دامت مطالبهم تتحقق ومستقبلهم المضمون يرونه بأعينهم. وهناك نحو نصف مليار شخص في أرجاء الكرة الأرضية يمتلكون حسابات في موقع "facebook"، لكنهم لم يثوروا، ولم يدعوا إلى ثورة. ولو كانت الثورة مقترنة بوجود هذا الموقع، لكان شباب أميركا الذين أنشأوا الموقع، هم أول الثائرين في العالم. وفي المقابل، فإن الانفجار سيقع، ولا يمكن أن لا يقع، في أي مكان في العالم يتعرّض غالبية أهله إلى الظلم، سواء كان هناك إنترنت أو لم يكن، وسواء بقيادة الشباب أو بغيرهم.
لا أحد عاقل يمكن أن يثور أو يحتج على حكومة توفر له التعليم والطبابة والوظيفة، وتمهّد له السبيل ليتزوج ويبني أسرة وينجب ذرية، ولديه بيت أو محل سكن لائق، ينام فيه قرير العين مطمئناً على نفسه وعرضه وماله، ويعرف أنه إذا خرج إلى الشارع، فإنه سيعود إلى بيته من دون أن تُمس شعرة من جسده، فلا شرطي ولا رجل أمن ولا أي مسؤول مهما علا شأنه يستطيع أن يتعرّض له إلا بموجب القانون، بل يثق أنه حتى لو أخطأ وارتكب جريمة، فإن هناك شرطة ملتزمة بالقانون، ونيابة يقظة الضمير، وقضاءً عادلاً ومستقلاً، كما أن حقه في التعبير عن رأيه مصون في حدود القانون، وبالجملة توفر له دولته عيشاً كريماً.
لا أعتقد أن شاباً واحداً من ملايين الشبّان الذين ثاروا في مصر أو تونس، خرج إلى الشارع وهو يحلم بمنصب الرئاسة، أو حتى الوزارة، أو حتى أن يصبح مجرد مدير عام. كما لا أعتقد أنهم كانوا سيواصلون سكوتهم وصبرهم وبلعهم المرّ وتحملهم الظلم إذا لم يكن هناك "facebook"، كل ما هناك أن الشباب هم وقود أي ثورة، ومن الطبيعي أن يكونوا في الطليعة، والإنترنت يسرّع عملية انفجارهم، لذلك كانت مثيرة للانتباه تلك اللافتة التي حملها أحد شباب مصر أثناء الثورة مكتوب عليها عبارة: "facebook" على كل ظالم.
أحمد أميري
source : http://www.uaeec.com