عندما أعرض مارك زوكربيرج بصعوبة في العام الماضي عن عرض مشهور بقيمة مليار دولار (493 مليون جنيه استرليني، 325 مليون يورو) لشراء "فيسبوك Facebook ، موقع التشبيك الاجتماعي الذي كان قد أطلقه من مهجعه في جامعة هارفارد قبل ذلك بسنتين، تكهن البعض أن القرار سيندم عليه عبقري الإنترنت البالغ من العمر 23 سنة.
كانت أقل من سنة منذ قيام شركة نيوز كورب التي يملكها روبرت مردوخ، بشراء "ماي سبايس" MySpace، أكبر شبكة اجتماعية على الإنترنت، مقابل مبلغ أثار الاستهجان في ذلك الحين- 580 مليون دولار- وأشعلت تلك الصفقة نوبة شديدة من الاهتمام بالمواقع الإلكترونية التي تسمح للناس بأن يجد أحدهم الآخر ويشاركوا في الرسائل والصور والمعلومات الشخصية الأخرى على الشبكة.
كانت MySpace قد أظهرت أن بالإمكان جني الأموال من ميل المستخدمين إلى قضاء كميات كبيرة من الوقت على مثل هذه المواقع، حيث تنتشر المعلومات- بما فيها الإعلانات، بسرعة بين الأصدقاء ولكن فكرة أن facebook يمكن لها في وقت قريب أن تحظى بتقييم يقارب ضعف تقييم أكبر منافس لها، قد صدمت الكثيرين كونها بعيدة الاحتمال.
الطبيعة المتقلبة لجمهور الشبكة والعدد الوفير من المواقع التي تنشأ في محاولة لتحقيق أرباح عاجلة من جنون التشبيك الاجتماعي، كانا يعنيان، بالانسحاب، أن زوكربيرج جازف بتفويت فرصة بأن يصبح رجلاً ثرياً جداً في سن يحصل كثير من الناس عنده على أول وظيفة بدوام كامل.
لكنه كان يملك خططاً أكبر، وحتى اليوم، بينما يبدأ النقاد بالتكهن بأن facebook يمكن أن تصبح قوة الإنترنت المقبلة، فإن زوكربيرج يوحي بأن على الخارجيين أن يدركوا الإمكانيات الحقيقية للشركة.
يقول مؤسس facebook في مقابلة مع "فاينانشال تايمز" في مكاتب الشركة في وسط بالو آلتو في ولاية كاليفورنيا: "إن ما نبنيه ربما يقلل معظم الناس من قيمته". ويضيف: "الاتصال غير كاف فعلاً وإذا استطعنا تحسين ذلك قليلاً فقط، لكثير من الناس فإن ذلك أمر بالغ الأهمية للاقتصاد والعالم".
تبدو مثل هذه التعليقات متضاربة وهي تأتي من طالب متسرب من جامعة هارفارد يرتدي قميص تي شيرت وبنطال جينز وصندل أديداس، لكن وراء مظهره الخارجي العرضي والخجول في بعض الأحيان، يعرض زوكربيرج ذهنه من مستوى غير مألوف لدى رواد في ضعفي سنة.
يقول دايفيد سزي، وهو شريك في "جرايلوك بارتنرز"، وهي إحدى داعمتي مشروع شبكة facebook "إن مارك شخص يمر في عملية الانتقال من شخص اعتقدنا أن الاستثمار فيه أمر عظيم فعلاً إلى ذلك الرائد الذي يعتبر واحداً من كل مليون، ذي رؤية حقيقية ويمكن أن يغير العالم".
يرفض زوكربيرج الانجرار إلى ما يعتقده حول ما يمكن أن تساويه facebook في النهاية، لكنه أمر واضح بشكل متزايد أن المستثمرين في facebook يعتقدون أن الشركة يمكن أن تساوي أكثر بكثير مما يبدو المتقدمون لها مستعدين لعرضه.
يقول بيتر ثيل، وهو مؤسس PayPal، نظام تحويل أموال عبر الشبكة وهو ثاني أكبر مستثمر في facebook أن داعمي الشركة يعتقدون أنها تساوي ما بين ثمانية مليارات وعشرة مليارات من الدولارات.
هل يمكن أن تصبح شبكة اجتماعية الآلة الثانية في وادي السيلكون التي تحقق عدة مليارات من الدولارات؟ أم أن التكهنات بأن facebook ستنضم إلى صفوف Google وYahoo على رأس قائمة عمالقة الإنترنت، هي مجرد عرض من أعراض فقاعة إنترنت حول الشركات الإعلامية على الشبكة؟
يقول مستثمر آخر في الشركة: "الكل يقول في الوقت الحاضر إن facebook هي الشيء الكبير المقبل، وأعتقد أن ذلك عظيم، أعتقد أنه مثير للاهتمام فعلاً، لكنها ليست Google بعد".
ومع هذا فإن الهمهمات التي تدور حول Facebook تذكر بالتي أحاطت بـ Google في الأيام التي سبقت ظهور شركة البحث عبر الإنترنت للاكتتاب العام في عام 2004، ويمكن أن يعزى جزء من ذلك إلى تغير في المواقف الشعبية إزاء الشبكات الاجتماعية على الإنترنت بشكل عام، فقبل صفقة MySpace كان معظم مواقع التشبيك الاجتماعي ينظر إليها على أنها مجرد أمور غريبة لافتة للنظر لكنها اليوم ينظر إليها وبشكل متزايد كأدوات اتصال مهمة.
تدعي facebook أنها الموقع الأكثر شعبية في العالم بالنسبة للمشاركة في الصور، وهي تسبق مواقع شعبية مثل Yahoo وflickr، وفي الوقت ذاته فإن MySpace تحتل المرتبة الثانية فقط بعد Youtube في حركة فيديو الإنترنت، وأصبحت الشبكات الاجتماعية شائعة جداً حتى أن كثيراً من المرشحين للرئاسة الأمريكية قد وضعوا صفحات سيرة ذاتية على MySpace وFacebook ومواقع أخرى، في محاولة للتواصل مع الناخبين الذين يقضون وقتاً على الشبكة.
ساهم حدثان كبيران في الشهور الإثني عشر الماضية، في الإحساس بالإثارة إزاء زوكربيرج وفريقه، وكان الحدث الأول في أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما فتحت facebook أبوابها للجمهور بعد سنتين من اقتصار العضوية على أناس لهم حساب بريد إلكتروني جامعي أو ثانوي.
كانت النتيجة سيلاً من المستخدمين الجدد، فقد حققت facebook 12 مليون مستخدم ناشط في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي وفي هذه السنة، كما يقول زوكربيرج فإن الشركة مهيأة لتصل إلى 50 مليون مستخدم- ووفقاً لـ"كوم سكور"، وهي موفر معلومات على الإنترنت، فإن الرقم الأوسع للزوار الاستثنائيين قد تجاوز بالفعل 60 مليون زائر، مع تضاعف عدد التسجيلات الجديدة كل ستة أشهر تقريباً. وكان الحدث الثاني في شهر أيار (مايو) عندما فتحت facebook أعمالها الداخلية أمام المبرمجين الخارجيين وطلبت منهم أن يبنوا قصصاً يمكن أن تستفيد من الصلات بين مستخدمي الموقع.
ماكس ليفشن، مؤسس آخر لـ Pay Pal والرئيس التنفيذي لـ "سلايد" وهي شركة ناشئة تعتبر موفراً بارزاً لاستخدامات طرف ثالث لـ facebook ، وهو يقول إن استراتيجية برامج facebook تقارن مع استراتيجية Micresoft التي جنت مليارات الدولارات من الأرباح بعد أن ظهر نظام التشغيل Windows كمنبر لإطلاق استخدامات الكمبيوتر الشخصي في تسعينيات القرن الماضي.
وهو يقول إنه بينما ازدهرت Microsoft من تطوير نظام تشغيل للكمبيوتر الشخصي، فإن facebook يمكن أن يقوم بعمل رائع مماثل ببناء المنبر المهيمن والذي يصل عن طريقه مستخدمو الإنترنت إلى الشبكة على نطاق العالم.
منذ أيار (مايو)، أطلقت الشركات الخارجية آلاف الصور على منبر برمجيات facebook ، من Scrabulous، وهي لعبة كلمات متقاطعة مثل Scrabble، إلى استخدامات تسمح لمستخدمي facebook بتعقب أفلامهم وموسيقاهم المفضلة. وبالمقابل، توفر facebook للمطورين فرصة جني الربح من مبيعات الإعلانات التي تظهر إلى جانب استخداماتهم على موقع facebook .
إن أفضل هذه الميزات انتشرت مثل انتشار النار في الهشيم عبر شبكات الأصدقاء الذين يشكلون قاعدة المستخدمين لدى facebook ، التي تصف هذه الشبكات بأنها "الرسوم الاجتماعية" لكن يظل هنالك عقبات مهمة، فلغاية الآن، لم يتقن أحد التشبيك الاجتماعي المكافئ لـ"آدوردز" AdWords، التابع لـ Google وهو البرنامج الذي يسمح للمعلنين باستهداف المستخدمين الذين يبحثون عن كلمات رئيسية محددة، ولم تكن تكنولوجيا البحث لـ Google وحدها، بل هنالك "آدوردز" التي ارتبطت بالبحث، والتي حولت Google إلى العملاق الإعلامي الذي صارت إليه.
يجادل البعض بأنه من أجل الوصول إلى الرابطة نفسها مثل Google وYahoo ، سيكون على Facebook أن تتجاوز خطها الحالي للعائدات من الرعاة والإعلانات البارزة إلى إتقان نظام يستغل بشكل كامل الصلات بين مستخدمي الموقع.
يعترض زوكربيرج عندما يسأل عن تقارير بأن Facebook تعمل على نظام يمكن أن يسمح للمعلنين باستهداف إعلانات تستند إلى المعلومات التي يكشفها المستخدمون عن أنفسهم على الموقع، وإذا نجح مثل هذا النظام فإنه يمكن أن يرقى إلى النوع المفضل من إعلان الشبكة الاجتماعية، ويمكن لأي نظام كهذا أن يثير هواجس إزاء الخصوصية أيضاً.
يقول زوكربيرج: "هذا نوع من الجواب المزعج، لكننا لسنا مستعدين فعلاً للتحدث عنه". ويضيف: "نحن لدينا بضعة أمور مختلفة نجربها حالياً وخلال نصف السنة المقبلة أعتقد أن كثيراً من هذا الأمور سوف تحدث".
يقول زوكربيرج إنه مثل "آدوردز" التابعة لـ Google فإن أي نظام إعلان جديد سيفتقر إلى العمل دون تنفير المستخدمين، ويقول: "أعتقد أن Google مثال على شركة أجادت في هذا، فقد توصلوا إلى الهدف الحقيقي لما كان الناس يحاولون أن يفعلوه عندما يستخدمون Google ، لذلك فإن السؤال بالنسبة لنا هو: ماذا يحاول الناس أن يفعلوا عندما يستخدمون facebook وكيف نبني منتجاتنا التي تتفق مع الطريقة التي ستقوم الشركة بجني الأموال؟"
يقول جونثان أبرامز، مؤسس "فريندستر" Friendster، وهي الشركة التي قادت جنون التشبيك الاجتماعي عندما انطلقت في عام 2003، إنه يعتقد أن تحقيق انجاز في الإعلان على الشبكة الاجتماعية ما هو إلا مسألة وقت فقط. ويقول أبرامز الذي يدير الآن "سوشيالايزر" Socializr وهي شركة تنظم الفعاليات على الإنترنت: "رغم أن هذه المواقع لا تجني الأموال بمعدل مذهل، إلا أنها تولد رغم ذلك الكثير من الأموال لأن جمهورها كبير للغاية". وفي الأجل الطويل، يضيف أبرامز قائلاً: "مما لا شك فيه أنه ستتوفر وسيلة ما لزيادة تلك البيانات بطريقة تناسب المستخدمين".
ربما أن الأمر كذلك، حسبما يقول أحد المستثمرين في facebook ، ولكن: "عليك بالتفكير في الفترة الزمنية الطويلة للبحث على الإنترنت التي كانت قبل تطوير صيغة البحث وآدوردز".
يقول ليفشين إنه ربما تم تضخيم أهمية محرك الإعلانات الفعال للغاية. وربما تكون استراتيجية برنامج facebook وحدها كافية لتحويل الشركة إلى عملاق إنترنت. ويقول: "لا أعتقد أنه من الأهمية بمكان ما إذا كان facebook قادراً على بنائها، إذا توصل facebook إلى نظام بيئي". ويضيف: "إذا استطاعت شركة سلايد العالمية بناء شركات قيمتها عدة ملايين من الدولارات تتربع على قمة الخريطة الاجتماعية، عندئذ يكون facebook في موقع سلطة هائلة."
ويضيف معلقاً: "إلى الآن قاموا بالتنفيذ ونجحوا بجميع المعايير. لقد وصلوا إلى الموقع رقم واحد في الهيمنة العالمية".
يصبح زوكربيرج غير مرتاح بشكل واضح عندما تتحول المحادثة إلى خطط facebook طويلة الأجل. وبالنسبة له، فإن الأسئلة حول اكتتاب عام أولي محتمل، أو انفتاحه إلى عرض استحواذ يبدو إلهاء مزعجاً عما يقول إنه تركيز الشركة الفعلي.
يقول: "لم نكن نعتقد أن أياً من العروض التي كانت لدينا أو الاستعجال في اكتتاب عام أولي، هو الطريق الذي نمضي فيه. وعوضاً عن ذلك، إننا نركز على أن نكون فاعلين ولنا تأثير... بقدر استطاعتنا. وطالما أن ذلك يحدث، ونمو المستخدم يستمر على نحو جيد، وإذا استمر بالتضاعف كل ستة أشهر أو أكثر، عندئذ نحن في وضع جيد، ويمكننا أن نتوصل إلى نتيجة بشأن تلك الأمور فيما بعد، أليس صحيحاً؟".
مع ذلك، يقول الأصدقاء سراً إن زوكربيرج يفضل البقاء مستقلاً والسعي إلى اكتتاب عام أولي في مرحلة ما. يقول أحد الأشخاص المقربين من الشركة: "أعتقد أن التنفيذيين في facebook يرون نافذة كبيرة فعلياً أمامهم". ويضيف: "وباعتقادي أن المسار الذي يسيرون عليه يعمل ببطء باتجاه اكتتاب عام أولي. والطريقة الوحيدة التي يتم بواسطتها تنفيذ صفقة اندماج واستحواذ هي أن يرى مشترٍ ما المستقبل ذاته".
وفي الوقت الراهن، يبدو مستثمرو facebook موافقين على جعل زوكربيرج يخطط طريقه الخاص. وإلى جانب جرايلوك وثيل، فإن المستثمرين بمن فيهم ريد هوفمان، وهو مؤسس آخر لـ PayPal، ومريتش كابيتال، وهي مجموعة استثمار في المراحل المتأخرة، و"أكسل بارتنرز"، وهي مجموعة لاستثمار رأس المال المغامر قادت أول جولة تمويل لـ facebook ، ضخوا أكثر من 40 مليون دولار في الشركة منذ انطلاقها في عام 2004.
وفي غضون الأشهر الستة المقبلة، لن يكونوا الوحيدين المتلهفين لرؤية ما إذا كان زوكربيرج وفريقه، بعد أن حازوا على انتباه العالم، قادرين على تحويل الصلات الاجتماعية إلى سيولة تجارية.
كانت أقل من سنة منذ قيام شركة نيوز كورب التي يملكها روبرت مردوخ، بشراء "ماي سبايس" MySpace، أكبر شبكة اجتماعية على الإنترنت، مقابل مبلغ أثار الاستهجان في ذلك الحين- 580 مليون دولار- وأشعلت تلك الصفقة نوبة شديدة من الاهتمام بالمواقع الإلكترونية التي تسمح للناس بأن يجد أحدهم الآخر ويشاركوا في الرسائل والصور والمعلومات الشخصية الأخرى على الشبكة.
كانت MySpace قد أظهرت أن بالإمكان جني الأموال من ميل المستخدمين إلى قضاء كميات كبيرة من الوقت على مثل هذه المواقع، حيث تنتشر المعلومات- بما فيها الإعلانات، بسرعة بين الأصدقاء ولكن فكرة أن facebook يمكن لها في وقت قريب أن تحظى بتقييم يقارب ضعف تقييم أكبر منافس لها، قد صدمت الكثيرين كونها بعيدة الاحتمال.
الطبيعة المتقلبة لجمهور الشبكة والعدد الوفير من المواقع التي تنشأ في محاولة لتحقيق أرباح عاجلة من جنون التشبيك الاجتماعي، كانا يعنيان، بالانسحاب، أن زوكربيرج جازف بتفويت فرصة بأن يصبح رجلاً ثرياً جداً في سن يحصل كثير من الناس عنده على أول وظيفة بدوام كامل.
لكنه كان يملك خططاً أكبر، وحتى اليوم، بينما يبدأ النقاد بالتكهن بأن facebook يمكن أن تصبح قوة الإنترنت المقبلة، فإن زوكربيرج يوحي بأن على الخارجيين أن يدركوا الإمكانيات الحقيقية للشركة.
يقول مؤسس facebook في مقابلة مع "فاينانشال تايمز" في مكاتب الشركة في وسط بالو آلتو في ولاية كاليفورنيا: "إن ما نبنيه ربما يقلل معظم الناس من قيمته". ويضيف: "الاتصال غير كاف فعلاً وإذا استطعنا تحسين ذلك قليلاً فقط، لكثير من الناس فإن ذلك أمر بالغ الأهمية للاقتصاد والعالم".
تبدو مثل هذه التعليقات متضاربة وهي تأتي من طالب متسرب من جامعة هارفارد يرتدي قميص تي شيرت وبنطال جينز وصندل أديداس، لكن وراء مظهره الخارجي العرضي والخجول في بعض الأحيان، يعرض زوكربيرج ذهنه من مستوى غير مألوف لدى رواد في ضعفي سنة.
يقول دايفيد سزي، وهو شريك في "جرايلوك بارتنرز"، وهي إحدى داعمتي مشروع شبكة facebook "إن مارك شخص يمر في عملية الانتقال من شخص اعتقدنا أن الاستثمار فيه أمر عظيم فعلاً إلى ذلك الرائد الذي يعتبر واحداً من كل مليون، ذي رؤية حقيقية ويمكن أن يغير العالم".
يرفض زوكربيرج الانجرار إلى ما يعتقده حول ما يمكن أن تساويه facebook في النهاية، لكنه أمر واضح بشكل متزايد أن المستثمرين في facebook يعتقدون أن الشركة يمكن أن تساوي أكثر بكثير مما يبدو المتقدمون لها مستعدين لعرضه.
يقول بيتر ثيل، وهو مؤسس PayPal، نظام تحويل أموال عبر الشبكة وهو ثاني أكبر مستثمر في facebook أن داعمي الشركة يعتقدون أنها تساوي ما بين ثمانية مليارات وعشرة مليارات من الدولارات.
هل يمكن أن تصبح شبكة اجتماعية الآلة الثانية في وادي السيلكون التي تحقق عدة مليارات من الدولارات؟ أم أن التكهنات بأن facebook ستنضم إلى صفوف Google وYahoo على رأس قائمة عمالقة الإنترنت، هي مجرد عرض من أعراض فقاعة إنترنت حول الشركات الإعلامية على الشبكة؟
يقول مستثمر آخر في الشركة: "الكل يقول في الوقت الحاضر إن facebook هي الشيء الكبير المقبل، وأعتقد أن ذلك عظيم، أعتقد أنه مثير للاهتمام فعلاً، لكنها ليست Google بعد".
ومع هذا فإن الهمهمات التي تدور حول Facebook تذكر بالتي أحاطت بـ Google في الأيام التي سبقت ظهور شركة البحث عبر الإنترنت للاكتتاب العام في عام 2004، ويمكن أن يعزى جزء من ذلك إلى تغير في المواقف الشعبية إزاء الشبكات الاجتماعية على الإنترنت بشكل عام، فقبل صفقة MySpace كان معظم مواقع التشبيك الاجتماعي ينظر إليها على أنها مجرد أمور غريبة لافتة للنظر لكنها اليوم ينظر إليها وبشكل متزايد كأدوات اتصال مهمة.
تدعي facebook أنها الموقع الأكثر شعبية في العالم بالنسبة للمشاركة في الصور، وهي تسبق مواقع شعبية مثل Yahoo وflickr، وفي الوقت ذاته فإن MySpace تحتل المرتبة الثانية فقط بعد Youtube في حركة فيديو الإنترنت، وأصبحت الشبكات الاجتماعية شائعة جداً حتى أن كثيراً من المرشحين للرئاسة الأمريكية قد وضعوا صفحات سيرة ذاتية على MySpace وFacebook ومواقع أخرى، في محاولة للتواصل مع الناخبين الذين يقضون وقتاً على الشبكة.
ساهم حدثان كبيران في الشهور الإثني عشر الماضية، في الإحساس بالإثارة إزاء زوكربيرج وفريقه، وكان الحدث الأول في أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما فتحت facebook أبوابها للجمهور بعد سنتين من اقتصار العضوية على أناس لهم حساب بريد إلكتروني جامعي أو ثانوي.
كانت النتيجة سيلاً من المستخدمين الجدد، فقد حققت facebook 12 مليون مستخدم ناشط في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي وفي هذه السنة، كما يقول زوكربيرج فإن الشركة مهيأة لتصل إلى 50 مليون مستخدم- ووفقاً لـ"كوم سكور"، وهي موفر معلومات على الإنترنت، فإن الرقم الأوسع للزوار الاستثنائيين قد تجاوز بالفعل 60 مليون زائر، مع تضاعف عدد التسجيلات الجديدة كل ستة أشهر تقريباً. وكان الحدث الثاني في شهر أيار (مايو) عندما فتحت facebook أعمالها الداخلية أمام المبرمجين الخارجيين وطلبت منهم أن يبنوا قصصاً يمكن أن تستفيد من الصلات بين مستخدمي الموقع.
ماكس ليفشن، مؤسس آخر لـ Pay Pal والرئيس التنفيذي لـ "سلايد" وهي شركة ناشئة تعتبر موفراً بارزاً لاستخدامات طرف ثالث لـ facebook ، وهو يقول إن استراتيجية برامج facebook تقارن مع استراتيجية Micresoft التي جنت مليارات الدولارات من الأرباح بعد أن ظهر نظام التشغيل Windows كمنبر لإطلاق استخدامات الكمبيوتر الشخصي في تسعينيات القرن الماضي.
وهو يقول إنه بينما ازدهرت Microsoft من تطوير نظام تشغيل للكمبيوتر الشخصي، فإن facebook يمكن أن يقوم بعمل رائع مماثل ببناء المنبر المهيمن والذي يصل عن طريقه مستخدمو الإنترنت إلى الشبكة على نطاق العالم.
منذ أيار (مايو)، أطلقت الشركات الخارجية آلاف الصور على منبر برمجيات facebook ، من Scrabulous، وهي لعبة كلمات متقاطعة مثل Scrabble، إلى استخدامات تسمح لمستخدمي facebook بتعقب أفلامهم وموسيقاهم المفضلة. وبالمقابل، توفر facebook للمطورين فرصة جني الربح من مبيعات الإعلانات التي تظهر إلى جانب استخداماتهم على موقع facebook .
إن أفضل هذه الميزات انتشرت مثل انتشار النار في الهشيم عبر شبكات الأصدقاء الذين يشكلون قاعدة المستخدمين لدى facebook ، التي تصف هذه الشبكات بأنها "الرسوم الاجتماعية" لكن يظل هنالك عقبات مهمة، فلغاية الآن، لم يتقن أحد التشبيك الاجتماعي المكافئ لـ"آدوردز" AdWords، التابع لـ Google وهو البرنامج الذي يسمح للمعلنين باستهداف المستخدمين الذين يبحثون عن كلمات رئيسية محددة، ولم تكن تكنولوجيا البحث لـ Google وحدها، بل هنالك "آدوردز" التي ارتبطت بالبحث، والتي حولت Google إلى العملاق الإعلامي الذي صارت إليه.
يجادل البعض بأنه من أجل الوصول إلى الرابطة نفسها مثل Google وYahoo ، سيكون على Facebook أن تتجاوز خطها الحالي للعائدات من الرعاة والإعلانات البارزة إلى إتقان نظام يستغل بشكل كامل الصلات بين مستخدمي الموقع.
يعترض زوكربيرج عندما يسأل عن تقارير بأن Facebook تعمل على نظام يمكن أن يسمح للمعلنين باستهداف إعلانات تستند إلى المعلومات التي يكشفها المستخدمون عن أنفسهم على الموقع، وإذا نجح مثل هذا النظام فإنه يمكن أن يرقى إلى النوع المفضل من إعلان الشبكة الاجتماعية، ويمكن لأي نظام كهذا أن يثير هواجس إزاء الخصوصية أيضاً.
يقول زوكربيرج: "هذا نوع من الجواب المزعج، لكننا لسنا مستعدين فعلاً للتحدث عنه". ويضيف: "نحن لدينا بضعة أمور مختلفة نجربها حالياً وخلال نصف السنة المقبلة أعتقد أن كثيراً من هذا الأمور سوف تحدث".
يقول زوكربيرج إنه مثل "آدوردز" التابعة لـ Google فإن أي نظام إعلان جديد سيفتقر إلى العمل دون تنفير المستخدمين، ويقول: "أعتقد أن Google مثال على شركة أجادت في هذا، فقد توصلوا إلى الهدف الحقيقي لما كان الناس يحاولون أن يفعلوه عندما يستخدمون Google ، لذلك فإن السؤال بالنسبة لنا هو: ماذا يحاول الناس أن يفعلوا عندما يستخدمون facebook وكيف نبني منتجاتنا التي تتفق مع الطريقة التي ستقوم الشركة بجني الأموال؟"
يقول جونثان أبرامز، مؤسس "فريندستر" Friendster، وهي الشركة التي قادت جنون التشبيك الاجتماعي عندما انطلقت في عام 2003، إنه يعتقد أن تحقيق انجاز في الإعلان على الشبكة الاجتماعية ما هو إلا مسألة وقت فقط. ويقول أبرامز الذي يدير الآن "سوشيالايزر" Socializr وهي شركة تنظم الفعاليات على الإنترنت: "رغم أن هذه المواقع لا تجني الأموال بمعدل مذهل، إلا أنها تولد رغم ذلك الكثير من الأموال لأن جمهورها كبير للغاية". وفي الأجل الطويل، يضيف أبرامز قائلاً: "مما لا شك فيه أنه ستتوفر وسيلة ما لزيادة تلك البيانات بطريقة تناسب المستخدمين".
ربما أن الأمر كذلك، حسبما يقول أحد المستثمرين في facebook ، ولكن: "عليك بالتفكير في الفترة الزمنية الطويلة للبحث على الإنترنت التي كانت قبل تطوير صيغة البحث وآدوردز".
يقول ليفشين إنه ربما تم تضخيم أهمية محرك الإعلانات الفعال للغاية. وربما تكون استراتيجية برنامج facebook وحدها كافية لتحويل الشركة إلى عملاق إنترنت. ويقول: "لا أعتقد أنه من الأهمية بمكان ما إذا كان facebook قادراً على بنائها، إذا توصل facebook إلى نظام بيئي". ويضيف: "إذا استطاعت شركة سلايد العالمية بناء شركات قيمتها عدة ملايين من الدولارات تتربع على قمة الخريطة الاجتماعية، عندئذ يكون facebook في موقع سلطة هائلة."
ويضيف معلقاً: "إلى الآن قاموا بالتنفيذ ونجحوا بجميع المعايير. لقد وصلوا إلى الموقع رقم واحد في الهيمنة العالمية".
يصبح زوكربيرج غير مرتاح بشكل واضح عندما تتحول المحادثة إلى خطط facebook طويلة الأجل. وبالنسبة له، فإن الأسئلة حول اكتتاب عام أولي محتمل، أو انفتاحه إلى عرض استحواذ يبدو إلهاء مزعجاً عما يقول إنه تركيز الشركة الفعلي.
يقول: "لم نكن نعتقد أن أياً من العروض التي كانت لدينا أو الاستعجال في اكتتاب عام أولي، هو الطريق الذي نمضي فيه. وعوضاً عن ذلك، إننا نركز على أن نكون فاعلين ولنا تأثير... بقدر استطاعتنا. وطالما أن ذلك يحدث، ونمو المستخدم يستمر على نحو جيد، وإذا استمر بالتضاعف كل ستة أشهر أو أكثر، عندئذ نحن في وضع جيد، ويمكننا أن نتوصل إلى نتيجة بشأن تلك الأمور فيما بعد، أليس صحيحاً؟".
مع ذلك، يقول الأصدقاء سراً إن زوكربيرج يفضل البقاء مستقلاً والسعي إلى اكتتاب عام أولي في مرحلة ما. يقول أحد الأشخاص المقربين من الشركة: "أعتقد أن التنفيذيين في facebook يرون نافذة كبيرة فعلياً أمامهم". ويضيف: "وباعتقادي أن المسار الذي يسيرون عليه يعمل ببطء باتجاه اكتتاب عام أولي. والطريقة الوحيدة التي يتم بواسطتها تنفيذ صفقة اندماج واستحواذ هي أن يرى مشترٍ ما المستقبل ذاته".
وفي الوقت الراهن، يبدو مستثمرو facebook موافقين على جعل زوكربيرج يخطط طريقه الخاص. وإلى جانب جرايلوك وثيل، فإن المستثمرين بمن فيهم ريد هوفمان، وهو مؤسس آخر لـ PayPal، ومريتش كابيتال، وهي مجموعة استثمار في المراحل المتأخرة، و"أكسل بارتنرز"، وهي مجموعة لاستثمار رأس المال المغامر قادت أول جولة تمويل لـ facebook ، ضخوا أكثر من 40 مليون دولار في الشركة منذ انطلاقها في عام 2004.
وفي غضون الأشهر الستة المقبلة، لن يكونوا الوحيدين المتلهفين لرؤية ما إذا كان زوكربيرج وفريقه، بعد أن حازوا على انتباه العالم، قادرين على تحويل الصلات الاجتماعية إلى سيولة تجارية.
كيفن اليسون وريتشارد ووترز
source : http://www.uaeec.com