الرأسمالية هي النظام الاقتصادي السياسي الذي يعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج أو تأجيرها من قبل الأفراد لتشغيلها لحسابهم الخاص، وذلك في ظل الحرية الاقتصادية ( حرية الاستهلاك، وحرية إنتاج السلع المختلفة، وحرية اختيار العمل ) بهدف تحقيق الربح أو اي عائد ممكن، إن حافز الربح هو الذي يدفع إلى العمل والإنتاج والتنافس سواء بين المستهلكين أو بين المنتجين. والأداة التي يسترشد بها المستهلكون والمنتجون في تقرير سلوكهم نحو الاستهلاك أو نحو الإنتاج والعمل هي الأئتمان التي تتحدد دون أي تدخل أو توجيه أي بحرية تامة وفقاً لقوانين العرض والطلب. لقد انتقد كارل ماركس ( Marx ) هذا النظام، إنه يعتبر النظام الرأسمالي خطوة إلى الأمام بعد انحلال النظام الإقطاعي حيث أنه حقق التطور الصناعي على أساس المصانع الآلية وأوجد بذلك طبقة من العمل متحررة من القيود التي كانت تفرض عليهم في ظل النظام الإقطاعي ( Feudalism ) ولكن النظام الرأسمالي خلال عملية نموه أوجد نوعاً جديداً من الاستغلال للعمال حيث جعل الآلة تنافس العمال، فتكون بذلك جيش من العمال العاطلين، واستطاع بهذا الجيش أن يضغط على مستويات الأجور بحيث لم تساير زيادة إنتاجية المشتغلين بمساعدة الآلات، وبذلك تزايد فائض القيمة ( Surplus Value ) أي الفائض الذي يستحوذ عليه صاحب العمل من القيمة الكلية لإنتاج العامل. وقد أدى تزايد فائض القيمة إلى تكوين ثروات ضخمة ساعدت على تحول المنافسة الكاملة إلى الاحتكارات، ثم تحولت هذه الاحتكارات الوطنية إلى احتكارات عالمية ( imperialism ) كانت الأداة التي استخدمها أصحاب رؤوس الأموال في استعمار أجزاء كبيرة من العالم واستغلال الجماهير فيها استغلالاً شنيعاً. وبذلك يرى ماركس ان أصحاب رءوس الأموال الذين لعبوا عند بدء النظام الرأسمالي دوراً ثورياً هاماً أصبحوا اليوم الطبقة التي تعوق المجتمع عن التقدم الصحيح، كما أنهم بتحولهم إلى طبقة مستغلة خلقوا النقيض لهم وهو الطبقة العاملة. ولا شك أن الصراع بين الطبقتين سوف يؤدي في النهاية إلى انحلال المجتمع الرأسمالي وتحوله إلى مجتمع اشتراكي تنعدم فيه الطبقات وتصبح فيه ملكية وسائل الإنتاج ملكية عامة تديرها الطبقة العاملة عن طريق ممثليها لصالح المجتمع في مجموعة. لقد استخدم ماركس في تحليله هذا فلسفته التي تقوم على أساس المادية التاريخية وفكره الاقتصادي الذي يقوم على أساس نظريته في القيمة وفائض القيمة.
ان من اهم سمات الراسمالية، سيطرة وشمول الانتاج البضاعي، ففي البضاعة والتبادل البضاعي نعثر على جميع تناقضات الراسمالية، ولكي تصبح منتوجات العمل سلعا لابد من شرطين : 1. اناس يتمتعون بالحرية الفردية ولا يملكون وسائل الانتاج. 2. تمركز مبالغ من المال ووسائل الانتاج في ايدي فئة قليلة من الناس، وبالتالي فان الراسمالية نظام اجتماعي يتميز بالعمل المأجور الذي يعكس العلاقة الأساسية بين رأس المال والعمل، فالأول يتجسد بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والتبادل من قبل الطبقة الرأسمالية والثاني يتعلق بقوة العمل التي أصبحت سلعة يبيعها مالكها (العامل) مقابل الأجر، ان القانون الأساسي للرأسمالية هو الإنتاج المتزايد دائما لفائض القيمة المتأتي من استغلال العمل المأجور.
ان الرأسمالية هي نمط محدد وهي في الوقت ذاته سلسلة من التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية.
ومن الناحية التاريخية فالرأسمالية تأتي عموماً بعد نمط الإنتاج الإقطاعي ويفترض قيامها ثلاثة شروط اساسية هي: تحرير العمل وقوة عملهم (الحرية القانونية للاقنان على سبيل المثال) مما يحولهم بالتالي إلى بروليتارييين، وانفصال المنتجين عن مستلزمات الإنتاج الذي يجري عموما عن طريق سلب الملكية وتراكم رأس المال النقدي، إن كل ذلك يجري خلال عملية التراكم البدائي.
إن العلاقة الثنائية بين رأس المال والعمل هي العلاقة الأساسية للرأسمالية، أنها تفترض الاستهلاك المنتج لقوة العمل بهدف إنتاج قيمة إضافية وهي فائض القيمة، مما يعني بوضوح ان الرأسمالية تقوم على قوى الإنتاج المتطورة وعلى علاقات الإنتاج العدائية، فالمجتمع ينقسم إلى طبقتين أساسيتين كبيرتين مترابطتين ومتضادتين هما الطبقة الرأسمالية المالكة لوسائل الإنتاج والتبادل الكبيرة والبروليتاريا أو الطبقة العاملة وهي الطبقة المنزوعة من وسائل إنتاجها والمرغمة على بيع قوة عملها مقابل الأجر، وفي هذا السياق نشير الى انه رغم تطور الراسمالية وامكاناتهها الهائلة في تطوير قوى الانتاج إلا أنها قامت بذلك باستغلال العمل الحي وهي تتجه لكي تستنفذ المصدرين الكبيرين للثروات إلا وهما الإنسان والأرض.
من هنا فإنها عند مرحلتها المعولمة الراهنة تصبح أو تتجه لان تصبح بشكل مستمر نظاما لتدمير الإنسان والقوى المنتجة، بحيث يمكن الاستنتاج بثقة وموضوعية ان الرأسمالية قد أوجدت في الوقت ذاته الأسس المادية لنمط إنتاج آخر ولمجتمع آخر وهو المجتمع الاشتراكي كطريق وهدف استراتيجي وحيد لجماهير الشغيلة والشعوب المضطهدة صوب العالم الجديد الحالي من الاستغلال وهو عالم سيصبح حقيقة قائمة بالنسبة لملايين السكان من الكرة الأرضية.